اخباراخبار سيناءتقارير وتحقيقات
حكاية شهيد طلب من والدته الدعاء .. فقالت له ” روح يا ابني الله يعلي مراتبك ” وعند المساء “زف شهيداً للسماء “


كتبت : رحمه عبد العزيز
بعد مرور عامان على الاستشهاد , مازالت روحه وسيرته العطرة تفوح بين أبناء قريته , فبخلقه الكريم وصفاته المحمودة خلد ذكراه في أذهان أبناء قريته وكل القري المجاورة , أنه شاب لم يتجاوز الــ 22 من عمره , كان منذ صغره هادئاً , طيب القلب , يحبه كل من يراه دون أسباب , التحق بالكلية الحربية وتمنى الشهادة , فكرمه الله بها عقب عام واحد من تخرجه , أنه الشهيد البطل الملازم أول محمود أصلان صديق .
تقدم مجلة ألوان اليوم نموذجاً للبطولة والفداء والتضحية و حكاية شهيد ولد يوم عيد العمال , واستشهد في عيد ثورة 23 يوليو , استشهد البطل وهو لم يتجاوز الــ 22 من العمر , كان كل ما يرغب به فقط هو الانضمام لأخوته من الضباط والمجندين في سيناء لمحاربة الدواعش , وعلى الرغم من أن أخيه ضابط في القوات المسلحة ومحل خدمته بشمال سيناء أيضاً , فكان من الصعب أن تتم الموافقة علي نقله , ولكن الشهيد البطل كان مصر على ذلك .
الشهيد البطل محمود أصلان , مواليد 1 مايو 1993 , من قرية بني خيار بمحافظة المنيا , وكان والده عقيداً بالقوات المسلحة , التحق البطل الملازم محمود أصلان بالكلية الحربية في 13 نوفمبر 2011 , وتخرج برتبة ملازم في الــ 24 من يونيو 2014 , حيث حصل البطل الشهيد علي بكالوريوس علوم عسكريه فرقة صاعقة بتقدير امتياز , و فرقة قفز بامتياز , و حاصل علي الحزام الأخضر والبرتقالي في الكاراتيه واستشهد في شمال سيناء في الـ 23 من يوليو 2015 .
الشهيد محمود , كان شاباً على خلق , الضابط الذي أحبه كل مجند خدم معه وكل ضابط ، كان يلقب بصاحب الضحكة البريئة ، كان خدوم لكل أهل قريته ولكل زملائه .. وذات يوم , طلب الشهيد , من والدته أن تدعي له , قائلاً .. أدعي لي يا أمي .. فرددت الأم دعائها له .. روح يا ابنى ربنا يعلى مراتبك كمان وكمان .. وحين حل المساء زف محمود عريساً للسماء .
الشهيد ملازم أول محمود أصلان , طلب نقله لشمال سيناء طمعاً في نيل الشهادة , كان الشهيد محمود دائما ما يكتب على صفحته الخاصة علي موقع التواصل الاجتماعي ” الفيس بوك ” أنه يتمنى الشهادة في سبيل الله والوطن ” .
طلب النقل إلي شمال سيناء
بعد أحداث الهجمات الإرهابية بالشيخ زويد في الأول من يوليو 2015 والتي كان أبرز معاركها ” معركة كمين أبو الرفاعي” , تقدم الشهيد بطلب نقله إلي شمال سيناء وتحديداً رفح , ولكن تم رفض الطلب , لأن الملازم محمود أصلان , لديه أخاً ضابطاً يعمل في شمال سيناء , ولكن محمود أصر علي طلبة وذهب إلي قائده , وقال له ” حضرتك قولتلي أنى في مقام ابنك ، رد عليه القائد : نعم يا محمود أنت في مقام ابني ، فقال له الشهيد : ممكن تنقلني رفح لو بتعزنى زي ابنك ، رد القائد : يا محمود أنت ليه عاوز تروح رفح وأنت عارف أخوك هناك ، قال له الشهيد : يا افندم أنا هستشهد ونفسي استشهد وأنا في أرض الميدان ، نفسي استشهد وأروي سيناء بدمى ، يا افندم أنا بتمنى من ربنا استشهد علشان أدخل الجنة فمتحرمنيش من جنة ربنا ، رد القائد : مش عارف أقولك أيه بس وهنا راح الشهيد قاطع رد القائد وقال له : يا افندم لو بتعتبرني زى ابنك فعلا انقلنى رفح واعتبر دا اخر طلب اطلبه من سيادتك ، رد القائد : حاضر يا محمود بس إن شاء الله مش هيكون أخر طلب ، قال له الشهيد : ربنا يكرمك يا افندم بس أنا هستشهد وأتمنى من ربنا أجيب حق أصحابي وأكون شاركت في تطهير سيناء من الإرهابيين قبل استشهادى , وبالفعل وافق القائد علي طلب الشهيد بنقله إلي رفح “.
حوار الشهيد مع والدته خلال أجازته قبل الأخيرة
الشهيد محمود : أنا هموت شهيد يا أمى فمتزعليش أنا هبقي معاكم وهعيش أكتر منكم .
الأم : يا محمود متقولش كدا . حرام عليك .
الشهيد محمود : يا أمى بقولك انا هروح الجنة وهاخدكم كلكم معايا ؛ يا أمى هحجزلكم مكان .
الأم : أنت جنتى يا ابني دا انا بنتلك شقتك علشان هجوزك انت وإسلام مع بعض دا أنت آخر العنقود يا حبيبي .
الشهيد محمود : طيب هتعمليلي فرح حلوة وتغنيلي وتزغرطيلي .
الأم : طبعاً دا هيبقي آخر فرح وفرحك أنت واخوك كمان يعني عريسين وعروستين .
الشهيد محمود : طيب هتزغرطيلى كام زغروطة لما اروح اجيب عروستي .
الأم : كتيررررررررررررررررررررر اوووووووووووى طبعاً .
الشهيد محمود : دا لعروسة واحدة .
الأم : لا لعروستين .
الشهيد محمود : طيب عاوزك يوم فرحي تلبسي أبيض وتزغرطى كتيرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ومتعيطيش علشان أنا هتجوز سبعين مش واحدة بس .
الأم : بس بقي متقولش كدا كل شوية . انت مالك الأيام دى عوزاك تبقي أسد وتسد وتحمى البلد وربنا ينصرك ويحميك انت واللى زيك .
الشهيد محمود : ماشي يا أمى خلاص كبري دماغك بس خليكي فاكرة كلامى علشان دا مش كلام دا إن شاء الله هيكون حقيقة .
الأم : يا ابني بس وجعت قلبي .
الشهيد محمود : هو انتى بتكرهيلي الخير طبعاً لأ ولا انتى مش عوزانى ابقي فرحان . يا امى الشهادة في سبيل الله والوطن دى حاجة شرف وحلوة اوى بس لو بتحبيني تزغرطى وتفرحى ومتعيطيش ابدا مهما حصل .
أمى حست بيه فعيطت فقام باس راسها وقالها . افرحيلي … ربنا يسعدك ويهنيك ويكرمك في جناته يااااااااااااااااااااااااااااااارب








الاستشهاد
عقب انتقاله لشمال سيناء , واستلامه لعمله , شارك الشهيد الملازم مقاتل محمود أصلان في 8 مداهمات ضد التكفيريين على أرض سيناء , وبعد مرور 12 يوم علي وجوده في رفح وبالتحديد أثناء مأمورية تمشيطية مساء الخميس الــ 23 من يوليو 2015 , وخلال سير المدرعة , وقع انفجار ضخم إثر انفجار عبوتين ناسفتين , خلال سير المدرعة العسكرية التى كان يستقلها البطل الشهيد محمود أصلان بالقرب من كمين المهدية الواقع جنوب مدينة رفح بسيناء .
وكانت العبوة الواحدة تزن 350 كيلو جرام , أي ما يعادل 700 كيلو للعبوتين , وأدي الانفجار إلي اتفاع المدرعة 150 متر فوق سطح الأرض , ومن رحمة الله , أنه خرج من المدرعة بعد ذلك من المدرعة عقب التفجير وهو مصاب ويتحدث ..
وخلال نقله للمستشفي بالطائرة , تحدث إلي أصدقائه الضباط لمدة 5 دقائق , ثم ردد الشهادة ” أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ” وقال أصحاب الشهيد الذين كانوا يرافقونه في الطائرة حينها أنه رددها ثلاث مرات وهو ينظر إلينا ويبتسم ولقي ربه بأجمل ابتسامة .
كان الشهيد دائما ما يتحدث عن الشهادة قبل استشهاده بـــ 7 أشهر , وكان دائما ما يكتب عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي أنه يتمنى أن ينال الشهادة , ومن أشهر ما نشره على صفحته الخاصة الآية القرآنية: “ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون” , كما قام بتغيير صورته الشخصية، لٍصورة مدون تحتها عبارة: “اللهم إنا وهبنا أنفسنا للشهادة فاجزنا بها يا رب العالمين وأنت راض عنا إنا لله وإنا إليه راجعون”.
الجنازة
كانت جنازة الشهيد ملازم مقاتل محمود أصلان صديق , مهيبة , كان بها الآلاف من أبناء قريته والقري المجاورة والتي قدرت بــ 13 قرية , مرددين هتافات تندد بالإرهاب والمطالبة بالقصاص .
والجدير بالذكر أن جنازة الشهيد البطل , خرج فيها ما يزيد عن 15000 طفل من أبناء قرية بني خيار وأبناء القري المجاورة , ممن كانوا يعشقون البطل الشهيد , وينتظرون رؤيته في كل إجازة له .
بعد الاستشهاد …
قامت محافظة المنيا بإطلاق اسم الشهيد البطل الملازم أول محمود أصلان صديق على أحدي المدارس وذلك تقديراً وتخليداً للشهيد .
ومؤخراً وخلال شهر رمضان المنقضي , عندما تم فتح مقبرة الشهيد , وجدوا جثمانه كما هو لم يتحلل , نعم لم يتحلل , هؤلاء الأبطال الذين اختاروا لقاء وجه الله , زاهدين عن الحياة بما فيها , محبةً وشوقاً وطوقاً إلي الجنة .
هذه ليست حكاية شهيد فحسب , بل أنها حكاية وطن , اختار أبنائه الشهادة مقابل أن تعيش الأرض , وكان أحدهم ابن محافظة المنيا .. الشهيد البطل محمود أصلان صديق